جاءت الكهرباء بعد أن انطفأت ما شاء الله، أو لنَقُل ما شاء لها مَنْ شاء أن تنطفئ، فقفزتُ إلى جهاز التحكّم (الريموت) الخاص بالرائي (جهاز التلفزيون) علّني أكسر الظلام الداخلي الذي خلقه وخلّفه ذاك الخارجيّ، وما أن بدأتُ الانتقال بين القنوات إذ استوقفتني مقابلة مُترجمة لمالك موقع غربيّ.
تحسرت في البداية على الكثير الذي فاتني من هذه المقابلة، غير أن القليل المتبقّي جعلني أفهم من هو وما هو نشاط موقعه. فقد وجّهت المضيفة له فيما تبقي من وقت اتهامات على شكل أسئلة كان منها علي سبيل المثال :إنك مُتّهم بتحريض على الخيانة والزنا وتفكيك الأسر والتغرير بالشابات لعقد صفقات مع أثرياء مُسنّين. إنّ موقعك يعتبر سوق نخاسة فما ردُّك؟ فما كان منه إلا أنْ ردّ عليها قائلا: إنّ الخيانة موجودة منذ الأزل، ولا تكاد دولة ولا مدينة ولا حي و لا بيت يخلو من الخيانة، فلماذا عندما أشهرتُها على شكل تجارة الكترونية مرخّصة وُجّهت لي أصابع الاتّهام؟ كما أنّي اجني سنويا ما يقارب 100 مليون دولار، ولنا أعضاء يقاربون 100 مليون شخص في 43 دولة، وأدفع الضرائب المستحقة دون تهرّب .
ولماذا لا تعتبرينني محافظاً على تلك الأسر، أو حتى منقذاً لها، فأكثر الأزواج والزوجات الذين يتواصلون معنا لتامين علاقات لهم، يشكون من توتّر وفشل وبرود في العلاقات الحميمة لأسباب كثيرة منها طول فتره الزواج، والروتين، وخدماتنا تلك من شأنها تجديد العلاقة الزوجية لا هدمها، كما أنّ الفتيات اللاتي ذكرتِ أنّ موقعنا يبيعهن للأثرياء المُسنّين هنّ اللواتي يشاركن بمحض إراداتهن، وما موقعي إلا حلقة وصل أو سمسار بينهم، ويمكنك اعتباري محقق أحلام لتلك الفتيات، فهن يافعات و لهن أحلامهن الكثيرة، ولا ممول لدراستهن أو مشاريعهن، والأثرياء المسنين يبحثون عمّنْ يساعدهم في تجديد شبابهم وبالتالي أنا أساعد كل الأطراف.
قبل هذه المقابلة بأيام عرضتْ قناة عربية في جزء من برنامج حواري مقابلة مع محامي يمني ناقشت تلك المقابلة على عُجالة حال الفتيات اليمنيات اللاتي بتْنَ مُستهدفاتٍ بشكل مخيف و باعث للأسى – بلغ عدد زيجات اليمنيات بغير اليمنيين للعام المنصرم فقط 1256 زيجة، بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، الأمر الذي جعل عدداً لا يُستهان به من الأُسر تزجّ ببناتها إلى سوق الزواج ولا أقول إلى مؤسسة الزواج من مسنين أثرياء وفقراء ومتعّددي زواج من اليمنيين ومن الإخوة العرب، رغم قسوة قوانين الارتباط بأجنبيات لمواطني تلك الدول، وعلى الرغم من معرفة تلك الأسر بمآل بناتهم إلا أنهم يستمرّون في مسلسل البيع بل والتفاخر.
فبعض الدول العربية ترفض زواج مواطنيها من غير جنسياتهم إلا بشروط أهمها: أن يكون الزوج في الأربعين، أو معاقا، أو يشكو مرضا ما، أو تخلّفا عقليا، أو سجينا سابقا ، أو صاحب سوابق ، وبسؤال المحامي عن القوانين اليمنية وهل هناك ما يحمي تلك الفتيات من الظروف أو حتى من جشع الأهل أو الزوج كان مختصر ردّه أن المسؤول الأول والأخير عن البنت هم الأهل، وأن زيجات مماثله تتم ّكصفقات، ولها من نستطيع اعتبارهم سماسرة من أهل العروس أو العريس أو حتى من المعارف، وللفتاه وأهلها أحلام كثيرة يطمحون لتحقيقها لذا هم من يختارون ويقررون، وبما أن تلك الزيجات تتم بترتيب دقيق وشرعي وصحيح فلا تملك الدولة حماية تلك الفتيات حتى الآن.
قد تكون تلك الشروط قاسية على بنات بلدي، لكن تلك الدول سنّتها لحماية بناتها، فمن سيحمي بنات بلادي ؟ومن سيرد على سؤال المضيفة بالفعل لا بالكلمات والشعارات الجوفاء عندما سألت المحامي اليمني( هل بناتكنّ بهذا الرخص )؟!
ياسمين العثمان – كاتبه من اليمن.
أحدث التعليقات