حسم مجلس الشورى تعديل نظام العمل لصالح خفض ساعات العمل الأسبوعية إلى 40 ومنح إجازة يومين للعاملين في القطاع الخاص، مؤكداً ما انفردت به «الرياض» قبل أسبوعين من رفض لجنة الإدارة والموارد البشرية التراجع عن موافقته عن قراره الصادر في الثالث عشر من ربيع الآخر عام1435.
حيث صوت المجلس اليوم على توصية اللجنة الرافضة لبقاء ساعات العمل على وضعها الحالي وحصلت على 74 صوتاً مؤيداً وهو مالم يكن كافياً لتصبح قراراً ـ بفارق صوتين ـ ثم وجه دعا د. محمد الجفري رئيس الجلسة إلى التصويت على رأي الحكومة الذي نص على عدم إلزام العمل بأكثر من 9 ساعات أسبوعياً فلم يؤيده سوى 43 مقابل 71 صوتاً كانوا ضده، فأعلن الجفري فوز القرار السابق لمجلس الشورى الصادر قبل سنتين وخفض ساعات العمل إلى 40 أسبوعياً ومنح إجازة يومين لموظفي القطاع الخاص.
وأكد أعضاء مجلس الشورى المؤديين لخفض ساعات العمل على أهميته في تهيئة بيئة العمل للشباب السعودي وقلب المعادلة ليكون العاملين منهم في القطاع خلال سنوات قليلة 80% وبقاء 20% للعمالة الوافدة التي تشكل حالياً نسبة الثمانين في المئة، وقال د. مشعل السلمي أن لجنة الإدارة والموارد البشرية تستحق الشكر لأنها تمسكت بقرار المجلس السابق في شأن هذه المواد المطلوب تعديلها والتي كانت محل دراسة مستفيضة ومعمقة من قبل المجلس، وتستحق أيضاً الشكر والتقدير لأنها قدمت مبررات نوعية وموضوعية ومُقنعة، تدعم الرأي والقرار الذي سيصدر عن المجلس، وهو قرار يحقق المصلحة لكل الأطراف ذات العلاقة، العامل وصاحب العمل والمجتمع والدولة، وقال السلمي” نحن أمام استحقاق تاريخي لإصلاح منظومة العمل في القطاع الخاص، والمصلحة الوطنية تستوجب إجراء هذه الإصلاحات الضرورية في نظام وبيئة عمل القطاع الخاص” مضيفاً” إصلاح بيئة العمل في القطاع الخاص هو الذي سيؤدي إلى عكس نسبة العمالة في القطاع الخاص فاليوم 80% عمالة أجنبية في مقابل حوالي 20% عمالة سعودية، وهذه المعادلة لن تتغير إذا استمر الوضع الحالي والمطلوب هو تغيير الوضع الحالي، وعلينا جميعاً، أن نتقبل ونتحمل تكلفة التغيير وهو تغيير إلى الأفضل أن شاء الله.
ورأى السلمي أنه ليس من المقبول أن يوجد لدينا حوالي 9 مليون عامل أجنبي يعملون في القطاع الخاص، ونسبة البطالة بين السعوديين 11.5%، وتحويلات العمالة الوافدة في ازدياد بشكل سنوي فمن 36 مليار و12 مليون سنة 1425 تجاوز 156 مليار في العام الماضي، وبلغ مجموع هذه التحويلات خلال 22 سنة الماضية تريليون ونصف تريليون ريال ، مشيراً إلى أن المملكة هي ثاني الدول عالمياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية في تحويلات العاملة الأجنبية، حسب تصاريح رسمية و هذا أمر مقلق، لأنه يؤدي إلى استنزاف الموارد النقدية في الاقتصاد الوطني.
وقال عضو الشورى السلمي أن القطاع الخاص بالمملكة في أغلبه يقوم اليوم بشكل رئيسي على عدد من المقومات السلبية التي تضر بالاقتصاد الوطني، حيث العمالة الأجنبية منخفضة الأجور ومتدنية المهارات وساعات عملها طويلة، وإجازتهَا قصيرة، وهذا ما لا يستطيع العامل السعودي تحقيقه والقبول به، وهو ما أدى إلى فشل برامج التوطين في القطاع الخاص، وما ترتب على ذلك من آثار سلبية تمثلت في التستر التجاري، وارتفاع معدل البطالة، وانخفاض نسب التوطين، والتوظيف الوهمي، وارتفاع نسبة العمالة الوافدة في القطاع الخاص إلى نحو80%، ومضى السمي معترضاً على من قال بأنه لم يحن الوقت لتخفيض ساعات العمل، ومنح يومي راحة في الأسبوع، وأن ذلك سيؤثر على إنتاجية وربحية القطاع الخاص، وقال ” ليس لذا القول ما يؤيده لا على المستوى الدراسات والممارسات الدولية ولا على المستوى المحلي، فالدراسات والتقارير الصادرة عن منظمة العمل الدولية تؤكد أن الاتجاه عالمياً هو تخفيض ساعات العمل خصوصاً في الدول التي تحتاج إلى تطوير بيئة العمل فيها وتعزيز تنافسيتها، ومتوسط ساعات العمل في القطاع الخاص ما بين 35-42 ساعة أسبوعياً على الصعيد العالمي”، وأشار إلى عدد من مؤسسات وشركات القطاع الخاص في المملكة كالبنود وغيرها و التي خفضت ساعات العمل فيها من 48 ساعة إلى 45 ساعة في الأسبوع ومنحت منسوبيها يومي راحة ولم يؤثر ذلك على إنتاجيتِها وربحيتهِا، بل أثر ذلك إيجاباً على العاملين فيها.
وأكد د. عبدالله الحربي حيث إن قرار تعديل المواد لصالح خفض ساعات العمل أتى في سياق مجموعة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والقانونية والإجرائية التي تهدف إلى تنويع بنية الاقتصاد السعودي وتهيئته للتحول إلى الاقتصاد المعرفي، منوها بمبررات اللجنة التي رأى أنها مقنعة لتمسكها برأيها ، فهي استمعت لرأي ممثلين من مجلس الغرف التجارية وممثلين من اللجنة التأسيسية للجان العمالية ورجعت لكثير من الدراسات وخاصة التي أجريت في دول خفضت ساعات العمل وأعطت العاملين فيها حق يومي إجازة، وتابع سوق العمل يعاني من عدم تكافؤ الفرص ويعاني من منافسة القطاع الحكومي وغيرها، فأين التوازن بين أخ يعمل ٣٥ ساعة وأخوه مطالب بالعمل ٤٨ساعة ، وجزء من التغيير الذي نطالب به حدث في بعض القطاعات ولم نر الآثار السلبية التي نتخوف منها.
وختم الحربي” سوق العمل يحتاج الى إصلاح، والإصلاح له ثمن ، وكلما تأخرنا فيه زاد ثمنه ، وإصلاحه لا يتم إلاّ بأمرين ، الأول :أنظمة عادلة ومنصفة ومواد مشروع النظام كما رأتها اللجنة عادلة ومنصفة”.
وكانت ” الرياض” قد انفردت قبل أسبوعين بنشر تقرير لجنة الإدارة وتسمكها بخفض ساعات العمل ومنح إجازة يومين للعاملين في القطاع مؤكدةً اللجنة أن الغرض من تخفيض ساعات العمل إلى 40 ساعة يومياً هو الوصول إلى التوازن الاقتصادي والاجتماعي الأمثل لشرائح المجتمع كافة وليست التنمية الاقتصادية بمعزل عن التكافؤ الاجتماعي الملازم له او على حساب مصلحة شرائح عديدة في المجتمع ستتضرر من عدم توطين الوظائف في القطاع الخاص بالسرعة المطلوبة، وقد ثبت أن ساعات العمل الطويلة هي من أسباب عزوف الشباب من أبناء الوطن في القطاع الخاص وتفضيل القطاع العام الذي لا تتجاوز ساعات العمل الأسبوعية فيه 35 ساعة ويمنح العامل فيه يومي إجازة في الأسبوع، كما أن ساعات العمل الطويلة لها آثار سلبية على ترابط الأسرة وتربية الأبناء خاصة بالنسبة للمرأة العاملة، وهي تحد من فرص عملها عموماً، كما تؤثر ساعات العمل الطويلة سلباً على الارتباطات الاجتماعية.
أحدث التعليقات