مُنع الأحد 22-3-2015
وصل بنا تحطيم الذّات والسَّفَه والانحدار، لدرجة أنّ أمانة عمّان لم تجدْ في الأردن العظيم كلِّه أُمّاً مثاليّة لتحتفيَ بها وتُكرمَها في ما يُسمّى عيد الأمّ ، فاستوردت “يُسْرا” من مصر لتكونَ أُمّاً وقدوةً تُحْتذى لكلّ الأردنيّين والأردنيّات…
“يُسْرا” الّتي تصلح أن تكون كلّ شيء وأيّ شيء إلّا أن تكون أُمّاً .. قد سرقتْ حقّ أُمّهاتٍ يدمعُ العرقُ من تجعّدات جِباهِهِنّ المُتْعبة… ويخجلُ العَوَزُ أن يُحزن عيونَهنّ أكثر كلّما اشتدّ محبس الضّيق. “يُسْرا” سرقتْ حقّ من تجلسُ في شارع الهاشمي في إربد منذ الصّباح الباكر أمام بسطةٍ من العَكّوب أو الخُبّيزة لتؤمِّنَ قسط ابنها الجامعيّ. “يُسْرا” سرقت حقّ نساء عجلون الّلاتي يجمعن الحطبَ ويحملْنه على رؤوسهنّ كي يوفِّرْنَ قيمة “تنكة الكاز”. “يُسْرا” سرقتْ حقّ نساء الجنوب الّلاتي يُرقِّعْنَ ثيابَهنّ من مراييل بناتهنّ القديمات، ويفتخرْن عندما يرتدين “سُترة” أبنائهنّ العساكر…
مَن تدخُلُ بين “الرّاعي والنّساء”، وتُسمّي نفسها “الّلعّيبة”..وتعترفُ أنّها “امرأةٌ آيلةٌ للسّقوط”..فتكون “امرأةً للأسف”..وبعد أن عاشتْ مع “عُشّاق تحت العشرين”..تقول “ما تيجي نرقص”…لا يمكنُ أن تكون أُمّاً مثاليّة…
الأمّ المثاليّة ، هي تلك الّتي تُطهِّر الأرض إذا ما داستْ قدماها التّراب، وتبتسمُ السّماءُ إذا ما “فركتْ” مِسبحتها بعد ألف تَسبيحة وألف “تَهليلة”. الأمّ المثاليّة هي تلك الّتي تمشُطُ حوض الزّعتر كما تمشّط طفلها الأصغر. الأمّ المثاليّة هي تلك الّتي تُحوِّل “سعير” القلب إلى مَبخرة للرِّضا بالقضاء والقدر.
الأمّ المثاليّة هي أمُّ “أحمد الدّقامسة” الّتي ما كشفت عن جبينها إلّا للوضوء، وما حنَتْ جبْهتها الّا للصّلاة، ظلّتْ منذ ثمانية عشر عاماً تمُدُّ سجّادتها، وتطلب من الرَّبِّ حاجَتها، وتنام على عينيْ “أحمد” في سجنه.
الأمّ المثاليّة هي أمّ “مُعاذ الكساسبة” التي قدّمتْ ابنها عريساً للوطن رافعاً يديه إلى السّماء مثل زهرة النّارَنْج ، أّم مُعاذ علّمتْنا كيف تَكُونُ الأمومة الحقيقيّة عندما توضع على محكّ الّتضحية، الأمّ المثاليّة هي أمّ “الشّهيد القاضي زعيتر” الّتي علّمتنا كيف يكون الانتصار بالصّبر لا الانتصار بــ”الخصْر”.
الأمّ المثاليّة هي كلّ أمٍّ لشهيدٍ أو لأسيرٍ أو لمعتقل.
الأمّ المثاليّة هي كلّ أمٍّ تخشى أن تبوح بوجَعِها وتخجلَ من آلامها كي لا تُقلقَ أبناءَها.
الأمّ المثاليّة هي كل أمٍّ أردنيّة، شالُها السّماء وثوبُها الدّعاء.
الأمّ المثاليّة هي مَنْ تموجُ البَرَكَةُ تحت رُموشها المُهدّبة كما سنابلُ الرّمثا وموْجُ العقبة …
الّذي احتفل بـ”يُسْرا” أُمّاً مثاليّة فهي أمّه!
أمّا أنا فأمّي هي مِنَ الّلاتي وصفْتُهُنّ
أحدث التعليقات