07-24-2013
الزمن بُعدٌ فيزيائي رابع للمكان حسب نظرية النسبية الخاصة، لكنه لا يعدو كونه وسيلة لتحديد ترتيب الأحداث بالنسبة لمعظم الناس.
يتفق معظم البشر على أنّ عدد أيام الأسبوع سبعة، وعدد الساعات أربع وعشرون، وأنّ السنة الفصلية (عدد الأيام لدوران كافة الفصول شتاء صيف خريف ربيع)365 يوماً ورُبْع اليوم. وبناء على هذا تمّ انشاء التقويم الشمسي (أو الميلادى )، وتم تغيير عدد أيام الشهور بناء على أهواء الأشخاص عدة مرات مع إبقاء عدد الأيام الكلّىّ 365 يوماً ورُبْع اليوم موزّعة على اثنيْ عشر شهراً حتى تتوافق مع السنة الفصلية. فقد حول يولوس قيصر بداية السنة من مارس إلى يناير سنة 45 ق .م، وقرّر أن يكون عدد الأيام فى الشهور الفردية 31 يوماً، وفي الزوجية 30 يوماً، عدا فبراير 29 يوماً، ثمّ في كل أربعة أعوام يصبح فبراير 30 يوماً لتعديل “خطأ ربع اليوم”، وسُمّي شهر كونتليس باسمه، أي ” يوليو”، وفي عام 31 قبل الميلاد أُطلق اسم الإمبراطور إكتافيوس الملقب أغسطس أي المهيب على الشهر الثامن فصار اسمه أغسطس، وحتى لا يكون في عدد أيامه أقل من سلفه زيد في أيامه يوم أُخذ من شهر شباط/ فبراير الذي كان تسعة وعشرين، وجرى تعديل عدد أيام كل من الشهرين التاسع والحادي عشر وجُعل كلٌّ منهما 30 يوماً، بالرّغم مِنْ أنّهما مِنَ الأشهر الفردية، فاستقر الأمر بهذا التعديل المعروف باسم التقويم اليولياني.
اما التقويم القمرى فهو يعتمد على دوران الأرض حول القمر. يتراوح عدد أيام الشهر بين (29 و 30 ) يوماً، والسنة 354، يوماً بفارق 11 يوم من السنة الفصلية. لذا فإنّ كلّ مَنْ يستعملون التقويم القمرى مثل شعوب أسيا القصوى، وشعوب أمريكا الأصليين، وشعوب القوقاز، وشعوب بريطانيا القدماء، والذين نصبوا معبد الشمس، وحتى العبرانيّين يضيفون شهراً قمريّاً كاملاً لتقويم الشهور على الفصول، ففي السنة الأولى يتخلف القمر عن الشمس بزمن قدره 11 يوم، ثم في السنة الثانية يتكرّر الاختلاف بـ 11 يوم أخر، وبعد ثمانية أشهر يصبح الاختلاف بما يعادل شهراً قمريّاً كاملاً، فيُضاف الشهر وتعود الفصول إلى ماكانت عليه من جديد.
وكذلك كان العرب قبل الإسلام وبعد الإسلام حتى وفاة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يفعلون ذلك فيضيفون شهراً كلّ 32 شهراً، وسُمّي بالشهر ( النّسيء). وقد كان مسؤولا عن عدّ الشهور وتحديد زمن الإضافة هم المسؤولون عن التقويم القمري في القبائل العربية داخل شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، من الذين كانوا يُعرفون باسم: (العادّين). قال تعالى:” قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم، فاسأل العادّين” المؤمنون 113 . طبعا، بعد الإضافة ستعود الأشهر القمرية إلى مواسمها الطبيعية وهكذا دواليك، إلى نهاية الدورة الشمس قمرية التي تنتهي دوما بنهاية السنة التاسعة عشرة من عملية العدّ الحسابية. ولولا ضرورة تلك العملية الحسابية لما قال سبحانه عند ذكر الشمس والقمر لبيان علاقة حركتيْهما بالتقويم الذي يحتاج إلى حساب: “هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدّرَه منازل لتعلموا عدد السنين والحساب، ما خلق الله ذلك إلّا بالحقّ، يُفصّل الآياتِ لقومٍ يعلمون) .
لا يزال في عرف سكان العالم أنّ الفترة الزمنية بين ظهور القمر هلالاً في الأفق الغربي بعد الغروب مباشرة، الذي يتنقل أثناء ازدياد حجم هلاله بين أبراج السماء التي تُسمّى في القرآن منازل القمر، إلى أنْ يصبح بدراً في اليوم الرابع عشر، ثم يتضاءل تدريجيا ليصبح شكله كالعُرجون القديم، ثم ليختفي في اليوم التاسع والعشرين، ليظهر بعدها مُعلنا دخول الشهر، وبناء على ذلك تاتى جميع الشهور القمرية فى نفس مواقيتها الفصلية كلّ عام.
ومن هذا المُنطلق تمّتْ تسميتُها ربيع الأوّل ، ربيع الآخر : لوقوعهما في الربيع ..وجُمادى الأولى ، وجُمادى الآخرة : لأنهما يأتيان في الشتاء حيث يتجمد الماء، وهكذا إلى أنْ تمّ إلغاء الشهر النسيء، أو بمعنى أصحّ تمّتْ إلغاء عملية التقويم أصلاً، وهذا يُلغي كما نعلم المواسم، ويُلغي أيضا الهدف من تحريم الأشهر الحُرُم الأربعة التي بيّنها الله تعالى في سورة التوبة بأنها هي: شهر محرم وصفر وربيع أول وربيع ثاني، وتلك هي الأشهر التي تتوالد فيها الحيوانات البرّيّة والطيور، ومن أجل هذا حرّم الرحمن الرحيم صيْدَها في ذلك الموسم بالتحديد، وصار رمضان ياتى فى كل أزمان العام. علماً أنّ شهر رمضان، في حال استعادة تطبيق الشهر النسيء في التقويم العربي سيعود بعدها ليأتي في فصل الخريف المعروف بطقسه اللطيف الذي يتساوى فيه طول الليل مع طول النهار في كلّ قارات الكرة الأرضية بشمالها إنْ كان خريفاً حيث سيكون في جنوبها ربيعاً، وكما نعلم يكون طول النهار في هذين الفصلين : 12 ساعة، كما يكون طول الليل فيهما: 12 ساعة، بينما في فصل الصيف يصلُ طول النّهار في شمال روسيا وألاسكا إلى 22 ساعة، وطول الليل ساعتان وبالعكس في فصل الشتاء.
متى تم إلغاء النسيء …؟
يصر الوهابيون والسلفيون على أنّ إلغاءه تمّ فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية 37 من سورة التّوبة مباشرةً: “إنّما النسيءُ زيادة في الكفر، يُضَلُّ به الذين كفروا يُحِلّونَه عاماً ويُحَرّمونَه عاماً لِيُواطِئوا عِدّة ما حرّمَ الله فيُحِلّوا ما حرم الله، زُيِّنَ لهم سوءُ أعمالهم، والله لا يهدي القومَ الكافرين”. ولكن التاريخ ينفى ذلك، فهناك حادثتان قد تمّتا في تاريخ قريب من حياة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم هما حربه ضدّ هرقل وثم حرب الخلفاء الراشدين ضدّ الروم بعد وفاة الرسول بأعوام قليلة. وكلتا الحربين قد أُرّختا من قبل المسلمين في ذلك العصر، كما تمّ التأريخ عنهما من قبل أعداء المسلمين ولكن بتاريخ ميلادي، ونحن نعلم من كتب السيرة أنّ سورة التوبة قد نزلت في السنة التاسعة للهجرة، وأنها تحتوي على الحجّ الأكبر، أي أنّ شهر النسيء يأتي مع أشهر الحجّ فيها، فتصبح عدة شهور الحج فيها 4 شهور، وليست ثلاثة كما تأتي عادة، ولهذا دُعيت بالحجّ الأكبر، وليس هناك أي علاقة ليوم الجمعة في كبر وصغر الحج كما يقول السلفيون عن ذلك، وعندما وضعنا التواريخ على جدولٍ يحوي الشهر النسيء فوجئنا بأّن التواريخ تتطابق تماماً باليوم والشهر والسنة.
وبما أنّ العرب قد ذكروا اليوم في تأريخهم فكانوا يقولون في يوم الجمعة من الخامس من شهر رجب سنة 15 للهجرة، فهذا أيضاً أتى منطبقاً تماماً مع التاريخ الغربي 20 آب سنة 636 م، وبما أنّ الغزوة الأولى مع هرقل قد حدثت خلال حياة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكذلك الحجّ الأكبر، فلو أنّ الرسول كان قد ألغى حينها الشهر النسيء لما انطبقت حادثة معركة اليرموك التي حدثت بعد 6 سنوات من نزول سورة التوبة، لأنّ انزياح القمر سيكون 11 يوم في السنة تقريباً، ففي 6 سنوات يجب أنْ يتم الاننزياح 60 يوماً تقريبا، أو شهرين.
ولكن لم يكنْ هناك أيّ انزياح على الإطلاق، وذلك يدلّ على أنّ النسيء كان لا يزال معمولاً به في حياته وبعد موته بخمس سنوات. أمّا تفسير الاية الكريمة فكما هو معلوم فإنّ وضع التشكيل فى كتابة المصاحف تمّ فى زمن الحجّاج بن يوسف بعد دخول الأعاجم في الإسلام. وكما نعلم فإنّ إبليس بعد أنْ كفر تكفّل هو وأتباعه بإضلال المؤمنين، فلا يُضِلُّهم أحدٌ سواه إلا شياطين الإنس، وهم من الذين كفروا. وفي القرآن الكريم لم تردْ كلمة يضلّ ومشتقاتها مبنية للمجهول أبداً. ومنها نعلم أن الذين كفروا هم الذين يُضلّون الناس.
فيجب تصحيح قراءة كلمة “يُضَلّ” المبنية للمجهول طبقاً لقراءة تفسير الباني الذي يقرأه برفع الياء وكسر الضاد: “يُضِلُّ”. وعليه فإنّ جملة “زيادة في الكفر” هنا جملة اعتراضة لا محلّ لها من الإعراب، وهي ليستْ خبراً لحرف التّأكيد إنّ، ويجب أنْ تُقرأ “زيادةً” بفتح التنوين على التّاء وليس بضمّه، وبعدها يستقيم المعنى، ويتبيّن لنا أنّ النسيء ليس زيادة في الكفر وإنّما التحليل والتحريم والمواطئة فيها التي يقوم بها الكافرون هي الزيادة في الكفر … فنجد أنّ عملية الإضلال كانت تتم من قبل الذين كفروا لكونهم كانوا يُحِلّون الشهر النسيء عندما يُصادف قدومُه مع الأشهر الحرم في المرّة الأولى، ثمّ يعودون ليحرّموه في المرة الثانية عندما يُصادف مجيئه مع الأشهر الحرم أيضاً ولكن بعد ثماني سنوات. ختاما نعود ونتساءل هل ضاع رمضان ..؟؟ هل ضاع الحج ؟؟ هل ضاعت ليلة القدر …حاشية : هناك معلومات كثيرة تمّ إغفالها من قبل الكاتب عمداً لعدم الإطالة، بُغيةَ طرح المقال بصورة عامة.
أمّا مَنْ يودّ التطرّق للموضوع بصورة بحثيّة فيمكننى أنْ أُمِدُّه بكثير من المراجع والبحوث للمزيد من التّحقّق.
د. محمد عبدالمنعم خضر
ahbab555@hotmail.com
حضره الدكتور عبد المنعم .
نتمنى تزويدنا بالمراجع والبحوث بخصوص هذا الموضوع ” النسيء ” عسي ان يكون في ميزان حسناتك بإذن الله تعالى .
وشكرا مقدما
السلام عليكم
يمكنكم مراسلة الدكتور عبر بريده الإلكتروني: ahbab555@hotmail.com
الاية واضحة ومعناها واضح ، بشكلها الموجود حاليا.
ولا تعني بالبتة انه حرام اضافة شهر النسيء لتقويم السنة الهجرية. وان النسيء زيادة للكفر لللذين كفروا. وليس للمسلمين. وبالتالي فقد اضاع المسلمون رمضان والحج.
كلام فارغ أخي الكريم
صاحب هذا المقال يريد الطعن في الإسلام .
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ”[1].
فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الأشهر الحرم وهي:شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، ورجب، وقد ورد ذكر هذه الأشهر الحرم في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 36].
فقد استدار الزمان واستقر كهيئته
وهذا جزء من خطبة الوداع قبل موته صلى الله عليه وسلم بثلاثة شهور وأيام
قمت بعملية بسبطة و وجدت انه حتى بعد اضافة شهر النسيء كل 32 شهر تنزاح الأشهر عن وقتها كل 8 سنوات ب 16 يوم يعني بعد 16 سنة ينزاح الشهر القمري ب 32 يوم
اذن يلزمنا اضافة شهر كل 16 سنة حتى تبقى الأشهر في مكانها و هذا لم ؤنسمع به مطلقا
المهم هل هناك اي دليل يمكن منه معرفة متي تم الغاء شهر المسيء
اخي اذن كيف نفسر أن الأشهر الهجرية لا تتطابق مع فصول السنه فنجد شهر رمضان تارة يأتي في الصيف وتارة في الخريف واخرى في الشتاء …. الخ. وشهر جمادي الأول الاخر يدلان على أن وقتهما يكون شتاءاً فلماذا يأتيان في أوقات الصيف …وهكذا دواليك .
https://www.facebook.com/nassee2000
فعلا لو اضيف شهرا لحافظنا على توقيت ثابت للمولد النبوى الشريف فلا يحتفل بمولده مرة بالشتاء ومرة بالصيف.
وكذلك لما اختلف الصائمين في عدد ساعات الصيام
حتى لو فرضنا أن التقويم الهجري خطأ، لا يمكننا اصلاحه الآن وإعادة ترتيب تاريخ عمره ألف وخمسمائة عام. الصحيح هو اعتماد الحساب الفلكي بدل رؤية الهلال وبناء روزنامة أو تقويم هجري واضح مثل التقويم الميلادي حتى يستطيع المسلمون التأريخ به ومعرفة المناسبات في المستقبل مهما بعد. وسواء تغير موعد الحج أو لم يتغير يبقى عبادة هدفها في القيام بها وليس في توقيتها.
فعلا لقد اضعنا توقيت الاشهر الحرم مع المواسم الفصلية والتي من المفروض ان تتوافق مع مواسم تزاوج الحيوانات والنباتات ومن هنا تأتي حكمة تحريم الصيد في الشهر الحرم لذا يجب ان يتوافق التقويم الهجري مع المواسم الفصلية مثل باقي التقاويم المستخدمة حفاظا علي البيئة من الدمار وعندما تأتي الأشهر الحرم في غير مواسمها فتنتفي الحكمة من تحريم الصيد فيها