تقنية web 3.0 تغير وجه العالم نحو مستقبل أكثر تقدماً
قد تطورت تقنية الإنترنت بشكل هائل على مدى العقود الثلاثة الماضية؛ فأصبحت المصدر الأول في الحصول على المعلومات وإجراء الاتصالات، وما كان مستحيلًا قبل بضع سنوات، أصبح واقعًا اليوم، فما الذي جعل ذلك ممكنًا؟
إن الإصدار الثاني من الويب web 2.0 هو الذي أتاح هذا التطور، فبمقارنته مع الإصدار الأول ، تجد أن الأول كان يقتصر على مواقع الويب الثابتة التي تقدم للمستخدمين واجهة يمكن قراءتها فقط، دون إتاحة تحديثها أو نقلها أو التفاعل معها
معلومات عن الإصدار السابق 2.0
ومع أن الإصدار الثاني من الويب أتاح المستخدمين مشاركة المعلومات؛ بمنحهم مزيدًا من الحرية في التفاعل مع المواقع الإلكترونية، بخلاف الإصدار الأول، إلا أنَّ مجتمع الإنترنت ينتقل تدريجيًا إلى الإصدار الثالث، الذي يتميز بكثير من الخصائص؛ أهمها:
1) خصوصية وأمان أعلى:
يستخدم الإصدار الثالث من الإنترنت تقنية بلوك تشين؛ بتوفير طريقه لامركزية لتأمين البيانات على الإنترنت، ومنح الخصوصية ومنع الفوضى الأمنية
2) استخدام العملات الرقمية في المعاملات المالية عبر الإنترنت:
تعد العملات الرقمية مستقبل المعاملات المالية التي سوف تتم على شبكة الإنترنت مستقبلًا؛ لذا يتيح الإصدار الثالث استخدامها في شبكات الدفع؛ ما يقضي على الوسطاء؛ مثل البنوك، والوكالات، وغيرها؛ ما ينتج عنه سلاسة في تحويل الأموال، وشراء العقارات، وتسهيل المعاملات المالية على الإنترنت
3) إنترنت الأشياء Internet of things
وهي ميزة مذهلة في الإصدار الثالث؛ إذ تمكن المستخدمين- عن طريق جهاز ذكي واحد فقط- من إعطاء أوامر لمجموعة متنوعة من الأجهزة المتصلة بالإنترنت، بما في ذلك السيارات، والثلاجات، وأجهزة التلفاز، والأضواء، وغيرها؛ لتنفيذ مجموعة متنوعة من المهام عبر الإنترنت في جزء من الثانية، مع جمع ميزات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لتحسين تجربة مستخدمي الإنترنت
ما علاقة تقنية بلوك تشين بتقنية web 3.0؟
تعتمد تقنية الإصدار الثالث من الإنترنت أساسًا على تقنية بلوك تشين؛ وهي العلاقة التي نذكر بعض الأمثلة عليها:
1) التحويلات المالية عبر الإنترنت:
تعتمد طريقة تحويل الأموال حاليًا على وجود وسطاء بين القائم بالحوالة ومستقبل الحوالة المالية؛ حيث قد يتراوح عدد الوسطاء والبنوك من وسيط واحد إلى عدة وسطاء؛ ما يسبب عدة سلبيات؛ منها تأخير موعد وصول الحوالة، بين عدة أيام، وقد تصل لأسابيع، وزيادة رسوم الحوالة المالية كلما زاد عدد الوسطاء، وقد تكون رسوم الحوالة مجهولة أحيانًا فيفاجأ بها المرسل عند وصول المبلغ للمستقبل، بينما توفر تقنية بلوك تشين تعاملات لامركزية، ولا تخضع لسلطة البنوك أو الوكالات
ومنذ بداية ظهورها، شهدت العملات الرقمية تطورًا كبيرًا في سرعة التحويلات، فعند المقارنة بين أبرز العملات الرقمية في سرعة التحويلات، خاصة بيتكوين؛ الأشهر والأقدم، فإن متوسط المعاملة يصل إلى ساعة واحدة فقط، وقد يزيد قليلًا في حالة وجود ضغط على الشبكة، بينما يصل متوسط المعاملة لعملة بيتكوين كاش إلى ساعتين ونصف فقط
ظهور تقنية ال بلوك تشين
وقد أدى تطور تقنية بلوك تشين إلى ظهور عملات رقمية أسرع مثل عملة الإيثيريوم، التي يصل متوسط معاملتها إلى ستة دقائق فقط وهو أمر مذهل!
ولم يقف تطور العملات الرقمية عند ذلك، فقد شهدت الفترة الأخيرة ظهور عملة Algorand التي تتميز بسرعة هائلة في تنفيذ المعاملات؛ بمتوسط تنفيذ في أقل من ٤٥ ثانية فقط! وقد يصل إلى أقل من ٦ ثوانٍ عند التحويل من حساب عملة Algorand إلى حساب آخر بنفس العملة!
2) استخدامات بلوك تشين في صناعة الأدوية:
هناك تطبيقات لهذه التقنية في المجال الصحي؛ أهمها متابعة مصانع وشركات الادوية، ومتابعة خطوط الإنتاج؛ للقضاء على ظاهرة الأدوية المغشوشة؛ إذ قدرت منظمة الصحة العالمية حجم تجارة الأدوية المغشوشة بنسبة ١٠٪ من إجمالي سوق الدواء عالميًا، كما قدرت خسائر شركات الأدوية بنحو ١٦ مليار يورو عام ٢٠١٩. وتُعد MediLedger Project من أشهر الشركات التي تستخدم تقنية بلوك تشين لتتبع الأدوية والقضاء على ظاهرة غش الدواء في العالم.
أمثلة أخرى
كذلك، من أشهر الأمثلة على تطبيقات بلوك تشين في مجال الأدوية ما تقوم به منصة Algorand من متابعة الدواء بدايةً من خطوط الإنتاج؛ حيث يستطيع الممارس الصحي متابعة مسار الدواء من خط الإنتاج حتى المستشفى، كما يستطيع الطبيب إضافة أثر جانبي للدواء من واقع التجارب مع المرضي؛ وبالتالي تحسين فاعلية وأمان الدواء، كما تتيح منصة Algorand متابعة مخزون الدواء، وتاريخ الصلاحية، ومعرفة الفاقد منها والتالف
3) استخدام تقنية بلوك تشين في التجارب الطبية السريرية:
تعتمد التجارب السريرية على كثير من المقومات الأساسية والمعقدة؛ مثل إدارة البيانات، وحفظ السجلات وربطها ببعضها، وجمع التقارير الطبية بدقة وحفظها وتحليلها ودراستها؛ وهنا تظهر أهمية تقنية بلوك تشين في توليد التقارير الطبية آليًا ودمجها وتحليلها وربطها ببعضها، وتوفير عناء المهام الروتينية على الطاقم الطبي؛ وبالتالي تحسين جودة البيانات والدراسات الطبية
تعاون بين الشركات
ويُعد التعاون القائم بين شركتي IBM و Boehringer Ingelheim Ltd والذي بدأ أوائل عام ٢٠١٩ مثالًا قويًا على أهمية هذه التقنية في المجال الصحي
وخلال الأعوام المقبلة سنجد أثرًا قويًا لتقنيتي بلوك تشين وweb 3.0 في المجالات الاقتصادية والصحية والتعليمية، وربما تكون هذه التقنية هي طوق النجاة للعالم من الآثار السلبية لأزمة كورونا على كافة المجالات في شتى دول العالم