لم أكن أعلم ما معنى الكايزن من قبل، ولولا التحاقي في برنامج إعداد مستشارين محليين في تطوير خدمات الأعمال المموّل من قبل الحكومة اليابانية والمنفّذ من قبل مؤسسة جايكا بالتعاون مع وزارة الإقتصاد الوطني واتحاد الغرف التجارية الفلسطينية والاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، لما علمْتُ معنى الكايزن وأهمّيّتها.
الكايزن “Kaizen” هي فلسفة ومنهجية يابانيّة قديمة للتغيير نحو الأفضل و التحسين المستمر من خلال استخدام الموارد البسيطة المتاحة وهي تتكون من كلمتين يابانيتين:
كاي “Kai” وتعني التغيير، و زن “Zen” وتعني للأفضل، ويرجع الفضل في ظهور وانتشار فلسفة ومنهجية الكايزن اليابانية إلى العالم الياباني ماساكي إماي التي قدّمها في منتصف الثمانينات من خلال إصداره كتاب ” كايزن – مفاتيح نجاح المنافسة اليابانية”، وعرّفها تعريفا شاملا ودقيقا بأنّها ” تحسين يومي بسيط ومتدرّج يقوم به أيّ شخص في أي مكان “، وتعتمد فلسفة منهجية الكايزن على أنّ أي نشاط هو عبارة عن عمل مفيد أو عمل غير مفيد أو هدر، ويسمّى في منهجية الكايزن MUDA، فالمودا هو أيّ نشاط لا يُضيف قيمة إلى العملية ويجب العمل على إزالته والحدّ منه، وتنقسم المودا أو الهدْر إلى سبع فئات أساسية 7W، وهي هدر الحركة، هدر الانتظار، هدر الإنتاج، هدر التشغيل، هدر الأخطاء، هدر النقل، هدر المخزن. كما تعتمد الكايزن على المبادئ الخمسة لتنظيم بيئة العمل باستخدام استراتيجية التّاءات الخمسة 5S، وهي تصنيف، ترتيب، تنظيف، تنميط، تثبيت.
وتستخدم استراتيجية الكايزن Kaizen لإدارة المؤسسات الصناعية والمالية، بل وسائر مناحي الحياة، وتعتمد فلسفة الكايزن علي التحليل، والهدف منها هو تقليل الهدر في الموارد والوقت والجهد وزيادة الإنتاج، وهو مفهوم مرادف للجودة بمعناها الواسع الشامل في كل مناحي الحياة. وتطبّق استراتيجية الكايزن بطريقة الخطوات الصغيرة وليس بالتغييرات الشاملة المكلّفة، ويتحدّد مفهوم كايزن لدى اليابانيين بأفكار مبسّطة جداً تقوم على التحسين المستمرّ، أي ضرورة إحداث تغيير بطيء في العمل، ولكنه يجب أن يكون مستمراً، وبعبارة أخرى اعمل شيئاً قليلاً بطريقة أفضل كل يوم، وحاولْ أن تجعل عملك اليومي أكثر تبسيطاً بدراسته، ومن ثم القيام بالتحسين من خلال التخلّص من الهدر، ولقد دخلت تلك الطريقة والفلسفة في كل مناحي الحياة اليابانية، ليصبح الإبداع والتنظيم جزءاً أساسياً في التربية والتعليم والتطبيق لديهم، وبعبارة أخرى أنْ يكون الفرد في مرحلة تحسين و تطوير دائم سواءً كان هذا التحسين في نفسه، عبادته، عمله، سلوكه، أخلاقه، نمط ثقافته، نظرته للحياة.
وفي النهاية فإنّ الكايزن أسلوب علمي في التخطيط الإداريّ والسياسيّ والاقتصاديّ انتهجه اليابانيون بإرادة وإدارة واعية، فنجحوا في تحقيق تقدم في كافة المناحي الحياتية، فهل يمكن لنا أنْ نشهد ولادة الكايزن الفلسطيني ليخلّصنا ممّا نحن فيه من التخبّط في التخطيط، وضعف الإرادة والإدارة، وفشل السياسات والخطط، وعدم تحقيق أي نوع من أنواع التنمية، وهدر الجهد والطاقة والوقت والمال والموارد، وانعدام الشعور بالمسؤولية الوطنية في ظلّ أوضاع سياسية واقتصادية قاسية وصعبة.
وختاما كلّ الشكر للحكومة اليابانية ومؤسسة جايْكا على استثمارهما في بناء الإنسان الفلسطيني وتطوير وتنمية الموارد البشرية الفلسطينية.
د.ماهر تيسير الطباع
مدير العلاقات العامة والإعلام غرفة تجارة وصناعة محافظة غزة
Dr.Maher AL-Tabbaa
PR Manager
أحدث التعليقات