بقلم إيمان العكور
لا يختلف اثنان أنّ الإساءة المتعمّدة والمتكررة لمجلة شارلي ايبدو لشخص الرسول الكريم، وإصرارها على استفزاز مشاعر المسلمين بين فترة وأخرى هي قصة مدروسة، ولا تندرج تحت أي ظرف في بند حرية التعبير والرأي..؟ولكن علينا بالمقابل أنْ ننتبه إلى تلك المصيدة.. وأن نتعامل كمسلمين بأسلوب حكيم وواعٍ معها ومع غيرها من المجلات التي ستستمر على هذا النهج.
فقد بات من المعروف أنه كلما تدنَّت مبيعات شارلي لجأت لاستفزاز المسلمين بالسخرية من رسولهم الكريم عليه الصلاة والسلام، وهذا ما صرَّحَ به (باسكال بونيفاس) مدير المعهد الفرنسي للدراسات الدولية والاستراتيجية “إيريس” وقال: إنه ليس من الشجاعة استفزاز مشاعر المسلمين لوقف تدنّي معدلات توزيع المجلة رغم احترام الجميع لحرية التعبير والصحافة.
ننبذ الإرهاب بكافة اشكاله.. كيف لا ونحن العرب الضحية الكبرى للإرهاب سواء الارهاب الإجرامي أو الفكري أو الثقافي.. ديننا هو أصل التسامح واحترام الغير.. يكفي تشويهاً لمبادئه.. ؟
سيناريو يذكّرنا بماض ليس بالبعيد..!! وكله باسم محاربة الإرهاب.
وها هي أولى بوادر القصة او المسرحية كما أتخيلها:..
سيتم في اجتماع باريس القادم طرح فكرة تعديل “اتفاقية شنغن التي تنص على حرية التنقل داخل “فضاء شنغن” الذي يضم 26 بلدا في أوروبا ” للسماح بمراقبة الحدود الداخلية للاتحاد الأوروبي.”
خطوة تحمل الكثير من الدلالات.
أحترم وأتفهم قوانينهم الداخلية والقيود التي يضعونها..! ولكن ما لا أفهمه.. لماذا تصر وفي هذا الوقت بالتحديد بعض المجلات الغربية على الضغط على الزناد وانتظار ردة الفعل من متعصّب ما، أو مأجور أو حتى مقهور للإقدام على فعل انتقامي إرهابي كما يحبون أن يسمّوه.
فقد تمّ امس مثلا اخلاء مكاتب صحيفة (لو سوار) البلجيكية التي أعادت نشر الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها شارلي ايبدو الفرنسية بعد أن تلقّت الصحيفةتهديدا من مجهول، بحسب موظفي الصحيفة.
كما قامت أيضا صحيفة “هامبورغر مورغنبوست” (Hamburger Morgenpost) الألمانية امس بإعادة طباعة الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد (ص) التي نشرتها صحيفة “شارلي إيبدو”، وادّعت أن أحد أبنيتها يتعرض لحريق متعمد من قبل مجهولين. كما قرر مدير تحرير صحيفة “كوريير ديلا سيرا”، أبرزت الصحف الإيطالية أن الصحيفة ستعيُد أيضًا نشر رسوم “شارلي إيبدو”. كما قامت ايضا صحيفة “برلينجسكي” الدنماركية بنشر الرسومات.
وفي الوقت الذي قامت به صحيفة الواشنطن بوست الامريكية بإعادة نشر الرسوم بحجة توضيح السبب لقرائها في ارتكاب ” العمل الإرهابي” ضد شارلي ايبدو ، امتنعت “أسوشتدبرس” و”سى إن إن” و”نيويورك تايمز” وشبكات إخبارية أخرى كان لها رؤية مختلفة عن نشر الرسوم.
مدير مجلة شارلي إبدو الفرنسية “ستيفان شاربونييه”، وهو أحد ضحايا الهجوم، كان قد أكد تصميمه على مواصلة التهكّم على الإسلام حتى تصبح “السخرية من الإسلام أمرا شائعا مثل المسيحية”، على حد قوله. وأبدى شاربونييه في حديثه إلى جريدة “لوموند” عام 2012 ، تعجبه من ردات الفعل الغاضبة تجاه الرسوم المسيئة، قائلا: “يمكن رسم بابا الفاتيكان في أوضاع مُخلة دون أن تكون هناك أي ردة فعل، وفي أسوأ الأحوال يتمّ اللجوء إلى أن مجلته أصدرت أكثر من ألف عدد لم تحدث أي منها “ضجة”، “سوى الأعداد الثلاثة التي تناولت الإسلام.
وفي ذلك العام، جلالة الملك عبدالله الثاني وخلال خطابه أمام الجلسة الافتتاحية للدورة السابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، نيويورك، أدان وبشكل واضح كل فعل يسيء إلى الرسول، أو يستغل اسم الإسلام لتبرير العنف والإرهاب “إن الإسلام يعلمنا أن نحترم الناس جميعا، وأن ندعو إلى التسامح والتراحم. إنني كهاشمي أدين كل فعل يسيء إلى اسم الرسول الكريم أو يستغل اسمه أو اسم الإسلام أو أي دين آخر زورا لتبرير العنف . إن هذا أمر لا مجال فيه للخلاف، فواجبنا جميعا، من أتباع الأديان في كل مكان، أن ننشط في الدعوة إلى التفاهم، وأن ننخرط في حوار عالمي أكثر فاعلية وتأثيرا.
ومع ذلك ، فقد وقعنا في تلك المصيدة المتطرفة.. فتلك الصحيفة المغمورة ذات الانتشار الضئيل وجدت منا العرب خير من يقوم بحملة إعلانية تسويقية مجانية لها من خلال تداولنا للرسومات التي بدأت بنشرها منذ سنوات في خطوة لتحصيل إيرادات تُبقيها على قيد الاستفزاز والحياة.
واليوم وفي تعاطف دولي غير مسبوق فقد جمعت المجلة خلال 5 أيام فقط أكثر من مليوني يورو قدمتها جهات مختلفة بينها وزارة الثقافة الفرنسية وعدة صحف إلى جانب شركة “جوجل” ومصادر أخرى .كما تستعد المجلة لطباعة مليون نسخة من عددها الأسبوعي (الأربعاء المقبل)، رغم أن متوسط توزيعها كان بين 30 ألف و60 ألف نسخة على أحسن تقدير.
وزادت أعداد الاشتراكات بالمجلة عقب الهجوم بيومين فقط ليصل إلى 13 ألف مشترك، وهو عدد في ارتفاع متواصل. وفي رسائل استجداء لها طلبت الصحيفة الدعم من ” كل المدافعين عن حرية الرأي، لأن القلم هو دائما فوق الهمجية .. لأن الحرية هي حق عالمي، لأنك داعم لنا، سنقوم بطباعة مليون نسخة من صحيفتنا يوم الأربعاء القادم.
لا اعلم عن اي حرية يتكلمون ويتبجحون!
يتكلمون عن الهمجية وهم الرواد في إقحام القلم ليكون السلاح الذي يمارسون فيه همجيتهم!
متى يكون استهداف الأنبياء والسخرية منهم هو حق عالمي؟!
مبروك لشارلي.. فما عجزت عن تحقيقه منذ نشأتها قبل 44 عاما بقيت تتخبط فيه في العالم السُّفلي للإعلام، اضطرها إلى الاحتجاب عن الصدور لسنوات عديدة لإفلاسها المادي والفكري والثقافي.. ها هي تُحققه في خمسة أيام وبتعاطف دولي أنسانا حتى الدور القذر الذي كانت تلعبه إعلاميا والذي لا يحمل أي رسالة على الإطلاق سوى الإفلاس الفكري.
انا لست شارلي .. ولن أكون شارلي اًبدا.
أتعاطف نعم مع المظلوم.. ولكن أرفض أن أكون الظالم وأنتظر العطف.
أنا مسلمة أنبذ الإرهاب والقتل مهما كانت الأسباب.
نعم .. لا يوجد هناك مبرر للرد على الإساءة بالقتل باسم الاسلام.
ولكني أيضا كما أحترم مشاعر الغير ومعتقداته .. أرفض ايضا أي استفزاز يتعلق بمعتقداتي الدينية.
وبانتظار ذلك اليوم الذي يخرج العالم كله هبة واحدة في مسيرة تعاطف ونبذ للإرهاب الذي يحصد يوميا أرواح اكثر من 300 عربي في أوطاننا الجريحة والمُثقلة بالقهر والدماء والعنف وكافة أشكال الإرهاب
بانتظار ذلك اليوم الذي تتساوى فيه أرواح البشر في بلادنا العربية الذين يسقطون ضحايا لسيناريوهات مُعدّة سابقا مع أرواح غيرهم ممن تنقلب الدنيا على مقتل أحدهم.
أقول لا وألف لا للإرهاب.
لا للتطرف.
لكن لن أعتذر عن دين تمّ تشويهه
سأعتذر لدين تمّ تشويهه وأمتي كالمتفرج تتخبط في الجهل.
ولن أعتذر عن عمل إرهابي قام به أشخاص لا يمثلوني باسم الإسلام.
هم ليسوا مسلمين.
أنا مسلمة. أما هم فلا اعرف مَن هم..!
ما انتماءاتهم ..! ما أجندتهم ..!
وأصرّ ثانية وأقول أنا لست شارلي.. ولن أكون شارلي اًبدا.
أحدث التعليقات