الأحد, 08 نوفمبر/تشرين الثاني 2015
عمان، الأردن (CNN)- يتلعثم الأردني راكان قطيش الدوايمة 24 عاماً، عند التحدث معه حول الحادثة التي أًصبحت حديث الشارع منذ الخميس الماضي، ووقعت في حي “نزال” أحد الأحياء البسيطة في العاصمة عمّان، حين أنقذ ستّة أطفال حاصرتهم مياه الأمطار داخل منزلهم من موت محقق، بعدما استطاع خلع شبْك الحماية الحديدي بمطرقة مُغامراً بحياته.
الدوايمة الذي حُظي فيديو صورته إحدى جارات العمارة السكنية له خلال عملية الإنقاذ بنحو 3 ملايين مشاهدة حتى الآن ودون علمه، لم يتوقّع أنْ يتلقّ بين ليلة وضحاها مئات الاتّصالات الهاتفيّة وأن تنهال عليه عروضٌ مفتوحة للعمل من شخصيات اقتصادية.
يقول الدوايمة الذي يعمل في محل للدواجن، وأنهى تعليمه حتى المرحلة الاعدادية في حديث لـCNN بالعربية، التي التقته على هامش تكريم ما يُعرف بمجموعة الحوار الوطني له، و يرأسها الوزير السابق محمد داوودية، إنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بإنقاذ آخرين في حوادث مختلفة، وإنّه لم يفكّر يوماً في الحصول على مقابل لقاء تطوّعه.
على عجل سارع الدوايمة، كما يروي للموقع، باستكشاف محيط منزل إحدى العمارات التي علم ورفاقٌ آخرون معه بمحاصرة أطفال داخل منزل بمياه يزيد ارتفاعها عن المترين، وسُيّجت نوافذه بالحديد، حتى بدأتْ المهمة الصعبة في اقتلاع القضبان الحديدية، رغم دفق المياه الهائل عبر النافذة.
ويتابع وصفه لتلك اللحظات: “لم تكن هناك طريقة سوى قلع الشبك الحديدي، لم أخشَ أن أموت، بل بأن أخرجهم.. المسألة أخدت دقائق، الشباب أحضروا الشواكيش، وتساعدنا واستطعت أن أتسلّق على النافذة.. كان الأطفال مرعوبين، وشاركنا نحو 10 أشخاص في الإنقاذ.. الله قدّرَنا والحمد لله.”
أما عن خشيته من الموت جراء تدفّق المياه بقوة في وجهه خلال الإنقاذ، قال: “الوقت مرّ بسرعة أول ما طلعت على الحماية كانت لحظة صعبة جداً، كان دفع المياه قوياً جداً، وخشيت أن لا أتمكن من خلع الحماية.. ما فكّرت بغير إنقاذ الأطفال.”
كما لم يعتبر الشاب الدوايمة أنه خاطر بحياته عند إنقاذ الأطفال الذين كان والداهم في عملهما في تلك الأثناء، بل اعتبر أن “المخاطرة هي بيد الله، وأن أجره محفوظ”، وقال: “اللي الله كاتبه هو بس اللي بيصير.”
تزامنت الحادثة مع تعرض البلاد لعاصفة مطرية أغرقت العديد من شوارع العاصمة، وأودت بحياة أربعة أشخاص بينهم طفلان مصريان وعامل وافد، إضافة إلى شاب عشريني أردني، فيما مُني تجار البلدة القديمة بخسائر قدرت بالملايين، وسط حالة من السخط والانتقاد لأمانة عمّان لعدم قدرتها على معالجة الفيضانات.
ولم يكن الدوايمة على دراية بأنّ أحداً كان يلتقط بكاميرا موبايل عملية الإنقاذ، ليُفاجأ بعدها أنّ المقطع انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية، فيما أشار الى أنه لم ينمْ منذ الخميس بسبب حجم الاتّصالات الهائلة التي تلقّاها، دون أن يتذكّر أسماء بعض المسؤولين ممن شكروه، بحسبه.
ويبدو أن تفاعلات الرأي العام مع قصّته، وعروض العمل التي تلقاها خلال تكريمه السبت في نادي أبناء الثورة العربية الكبرى من عدد من الحضور، والمكافآت المالية التي حصل عليها، لم تقنع الداويمة حتّى الآن بترك عمله في محل الدواجن.
وعن قبوله بذلك يقول متردداً: “والله ما بعرف لسة وين نصيبي.. كثير وظائف عرضت علي..لسة مفكر أضل بشغلي، لكن إن كان هناك ما هو أفضل إن شاء الله ..لم أتوقع أن يحصل معي ما حصل.”
استياء الدوايمة بدا واضحاً مما قال إنه تقصير بعض الجهات الرسمية خلال يوم العاصفة المطرية، مشيراً إلى أن نداءات عديدة وجهها أهل الحي إلى الأجهزة المعنية حول انسداد المصارف في الشوارع دون جدوى.
ويقول: “حتى بعد انتهاء العاصفة المطرية قمنا بتنظيف الشوارع، نحو 6 أمتار من الزبالة والطين والأتربة، طلبنا من الأمانة قلّاب فلم يتجاوبوا معنا، فقط بعض عمال الأمانة ساعدونا على قدر استطاعتهم، لكننا بالنهاية نظّفنا عدة مناهل مغلقة والشوارع.”
ويناشد الدوايمة الذي لا يجيد القراءة والكتابة كما يقول، الجهات الرسمية مساعدة أصحاب المنازل التي تدمرت بالعشرات، وأنّ وضع الحي الذي يقطنه بات مريعاً.
أحدث التعليقات