November 28 2015
فتحت نيويورك تايمز ملف وزيرة التعليم في فرنسا نجاة بلقاسم بنشر صورة لها وهي طفلة في المغرب، عندما كانت ترعى الماعز في بلدتها قبل أنْ تهاجر مع والدها إلى فرنسا لترتقي في المجتمع الفرنسي، وتصبح أول وزيرة تعليم فيها … وكشفت نجاة للجريدة الأمريكية تفاصيل عن حياتها في المغرب، عندما رعت الماعز … ونشرت الجريدة صورة للطفلة أثارت إعجاب الشعب الأمريكي الذي تعيش بينه جالية مغربية تعتبر من أنجح الجاليات العربية وأكثرها احتراماً في أمريكا.
قالت الشابة المغربية المهاجرة التي لا يزيد عمرها عن 36 عاما، وتعتبر ليس فقط من أكثر سيدات فرنسا تعليماً، وإنّما أيضاً من أكثرهن جمالاً، قالت : «عندما شعر أولئك الشباب بالإحباط في المدارس، بحثوا عن هوياتهم في أماكن أخرى، ووضعوا هويّتهم الدينية في الصدارة. ليس أمراً مستغربا أنْ تتولّد لديهم المناعة ضد قيم الجمهورية الفرنسية.
اعتبرت فالو بلقاسم، لفترة من الزمن، إحدى النجوم الصاعدة في الحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم. واليوم، في الوقت الذي تنظر فيه فرنسا إلى مدارسها للمساعدة في التعافي من آثار الانقسامات الدينية والعرقية، تقبع الوزيرة الشابّة تحت ضغوط هائلة لإثبات استحقاقها لمنصبها الرفيع.
قد تبدو أفضل تأهيلا من غالبية الوزراء الفرنسيين في معرض وصولها إلى الشباب المغترب، حيث قضت سنواتها الأولى والكثير من الإجازات الصيفية متحدّثة باللغة الأمازيغية في مزرعة جدتها في شمال المغرب، ثم تترعرع في أحياء فرنسا الفقيرة.
لكن مع ذلك، ترفض فالو بلقاسم الاعتراف بأنّ أصولها تميّزها عن باقي السياسيين. فهي تدين بنجاحها وبمنتهى الامتنان إلى نظام التعليم الفرنسي. تقول فالو بلقاسم: «كانت المدرسة دوما لاعباً كبيراً ومؤثّراً في رحلتي الشخصية، فقد سمحت لي بالانفتاح على العالم، وبالحركية الاجتماعية كذلك. كما سمحت لي بإثراء ذاتي، وبالتعلُّم والإدراك.
مع سعي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند هو ورئيس وزرائه مانويل فالس إلى تعزيز القدرات الاستخبارية الفرنسية، وتوسيع الصلاحيات الشرطية في الدولة التي تشن حملتها الموسعة ضد الإرهاب، كُلِّفت فالو بلقاسم بمهمة بناء جسور التواصل مع ملايين المغتربين من الشباب المسلم الفرنسي، وبعض هؤلاء رفض بالفعل المشاركة في دقيقة الصمت الوطنية حداداً على ضحايا هجمات «شارلي إيبدو.
أعلنت فالو بلقاسم عن خطة بقيمة 250 مليون يورو (285 مليون دولار)، لتدريب المعلمين الفرنسيين على مناقشة العنصرية، ونقل قيم «الحياة سويا» الفرنسية في قاعات الدراسة. وتقول فالو بلقاسم «ليست العائلة فقط هي المعنية بنقل القيم، ولكن المدرسة مطالبة أيضا بالقيام بهذا الدور». ومع خروج فرنسا من كارثة هجمات «شارلي إيبدو»، فإن التقارير المدرسية حول الطلاب المسلمين الرافضين لإحياء ذكرى الضحايا تسلط مزيدا من الضوء على عمق الانقسامات الضاربة في المجتمع الفرنسي. كانت تلك الانقسامات معروفة منذ سنوات، إذ خلصت دراسة أجريت في 2012 من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أنّ فرنسا تتقدم الدول الأوروبية من حيث عدم المساواة التعليمية الناشئة عن الأصول الاجتماعية والعرقية.
وتحدث المجلس الوطني الفرنسي لتقييم نظام التعليم عن «غيتوهات المدارس»، في إشارة إلى المناطق التي تكون فيها نسب التسرب من الدراسة مرتفعة، ومعدلات أداء الطلاب منخفضة بصورة كبيرة. وتقول فالو بلقاسم إنها >>شخصيا كانت معرضة للنشأة وسط مشاعر السّخط والغضب، حيث كانت تعيش على الجانب المُهمّش والمُستبعد من المجتمع الفرنسي<>خففت من القيود المفروضة على الأمّهات المسلمات المرتديات للحجاب خلال الأنشطة المدرسية، مثل الرحلات الميدانية<>المناقشات والجدال السياسي غير المنتهي قد وصم الأسر المسلمة في البلاد. تحتاج المدرسة إلى تعليم الناس أن الجميع جزء من نفس المجتمع، وأننا جميعا أحرار ومتساوون<<.
في الوقت الذي تعترف فيه فالو بلقاسم أنّ مسارها يبدو غير اعتيادي بالنسبة لكونها من المهاجرين إلى فرنسا، إلا أنّها تشجع باقي الأطفال المهاجرين على عدم التخلّي عن أحلامهم. وتقول أخيرا: ليس عيبا أن نفشل طالما أننا نستمر في المحاولة. لقد كانت أمي دائما تقول لي: لا تقلقي، إن في الحياة خيالاً وأحلاماً أكبر مما تتصورين.
أحدث التعليقات